تقدم مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، ومركز هشام مبارك للقانون،
ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية،
أمس السبت 23 يونيو 2012، بطعن على قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة
رقم 348 لسنة 2012 بشأن تشكيل مجلس الدفاع الوطنى، والذى جاءت محددات
تشكيله واشتراطات ممارساته صلاحياته، مكرسة لهيمنة المجلس العسكرى على كافة
مؤسسات الدولة.
ذهب الطعن المقدم ضد المشير محمد حسين طنطاوى بصفته إلى أن "مجلس الدفاع
الوطنى" وفقًا للقرار بمثابة تمديد للهيمنة العسكرية على البلاد، ومجرد
مناورة سياسية تفضى فى نهاية المطاف إلى إعلاء سلطة الجناح العسكرى على
الشخصية المدنية للدولة.
واعتبرت المنظمات فى طعنها، أن هناك علامات استفهام كثيرة حول توقيت صدور
القرار وطريقة صياغته، بما يحيلنا إلى طبيعة وهرمية وآلية اتخاذ القرار فى
مصر ما بعد الثورة، فى ضوء عملية عسكرة الدولة التى تجرى على قدم وساق.
وانتقدت المنظمات أيضًا آلية اتخاذ القرار داخل مجلس الدفاع الوطنى، وفقًا
للنصاب المحدد لانعقاد المجلس وحسم قراراته، والتى يمكن حسمها بالإرادة
العسكرية - غير المنتخبة شعبيًا - والغالبة عدديًا على تشكيل المجلس، دون
الأخذ فى الاعتبار "الأقلية" المدنية التى تمثل أعلى سلطات منتخبة فى
البلاد.
وخلص الطعن إلى أن التشكيل الأساسى الغالب لعضوية هذا المجلس يتكون من
القيادات العليا للسلطة العسكرية بموجب 7 :10 من باقى الأعضاء الذين
يتكونون فى واقع الأمر من: أعلى سلطتين سياسيتين مُنتخبتين فى نظام الحكم،
وهما رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الشعب، وكذا رؤساء بعض السلطات السياسية
التنفيذية فى الحكومة متمثلة فى رئيس مجلس الوزراء ووزراء الخارجية
والداخلية والمالية، إلى جانب وظيفة شبه عسكرية متمثلة فى رئيس المخابرات
العامة.
علاوةً على أن انعقاد اجتماعات هذا المجلس يكون بحضور أغلبية (النصف +
واحد) أى بحضور 9 أعضاء فقط، فضلاً عن آلية استصدار القرارات عن هذا المجلس
بأغلبية النصف + واحد من أعضائه الحاضرين، أى 5 أعضاء من التسع أعضاء
الحاضرين".
وهو أمر محل شبهة لا تخفى، فوفقًا لنص الطعن: "الأمر الذى يُشكل بالواقع
العملى تداخلاً بل وبالأحرى تماهياً بين المجلسين "الدفاع الوطنى، والمجلس
الأعلى للقوات المسلحة".
واعتبر الطعن أن طبيعة تشكيل هذا المجلس إنما تعكس "طُغيان للسلطة العسكرية
-الممثلة فيه- على السلطة المدنية للدرجة التى تصل فيها تلك السلطة الأولى
وحدها ودون غيرها – عملياً وفعلياً – إلى أنها هى التى تُعطل أو تُفعل
أعمال هذا المجلس المسمى "بمجلس الدفاع الوطنى"، ومن ثم فمضمون القرار
هادرًا لسيادة الدولة من حيث احتكار القوة العسكرية لها، مُتصادمًا مع
فرائض نُظم الحكم الديمقراطية".
ونقل الطعن عن الفقيه الراحل عوض المُر – الرئيس الأسبق للمحكمة الدستورية
العليا – رأيه فى علو السلطة المدنية على السلطة العسكرية والذى قال فيه
"إن القواعد الكلية التى يتضمنها الدستور تكون حدًا للنظم العسكرية، فترتبط
الجيوش بخضوعها للقانون، وبعلو السلطة المدنية عليها، وتلقيها لتعليماتها
منها".
كما ساق الطعن عدة أسباب موضوعية وسياسية لنقد هذا القرار، مشيراً إلى أن
ملابسات الإصدار فى ظل عدم وجود رئيس حاكم للبلاد، بمثابة تمرير لسلطة
الحكام العسكريين على البلاد.
وذكر الطعن أن نسبة العسكريين للمدنيين فى تشكيل مجلس الدفاع الوطنى والتى
بلغت 10:7 نسبة يمكن قراءتها فى ضوء "نظرية الغلو" حيث تنتفى النسبة
والتناسب المعقولة، ليصبح الواقع أن تلك النسبة عمليًا هى المخولة بتعطيل
أو تفعيل أعمال هذا المجلس، وفقًا لهوى الحكام العسكريين.
وطالبت المنظمات فى طعنها رقم 47331 لسنة 66 ق بقبول الدعوى شكلاً – على أن
يتم وبصفة عاجلة – وقف تنفيذ قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم
348 لسنة 2012، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها بطلان القرارات الصادرة
من مجلس الدفاع الوطنى وفقًا لتشكيله، وأُسس انعقاد اجتماعاته وطرق إصدار
قراراته الواردة بالقرار المطعون فيه، مع الأمر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته
ودون إعلان، فضلاً عن إلغاء القرار الطعن رقم 348 لسنة 2012، مع ما يترتب
على ذلك من آثار، وحددت المحكمة 10 يوليو 2012 موعدًا لأول جلسة.